02 - 06 - 2025

عجاجيات| لعب عيال

عجاجيات| لعب عيال

عشنا طفولة شديدة الثراء والتنوع أواخر خمسينيات وطوال ستينيات القرن الماضى..لم تكن التكنولوجيا الحديثة قد تمكنت واستفحلت وانتشرت وتوغلت... كنا نستمتع بسماع الراديو وكدنا نطير من الفرح عندما دخل اول تليفزيون ابيض وأسود حارتنا حارة السقايين... كانت الحارة كلها تعتمد على تليفون واحد (العدة السوداء الشهيرة) موجود فى محل بقالة العم محمد قنديل والذى آل بعد فترة للاخوين إبراهيم وممدوح...لم نكن نعرف الكمبيوتر ولم نكن نعرف التابلت وبالطبع لم يكن المحمول قد ولد وكان ما زال في رحم الصناعات العسكرية الأمريكية والاوربية.

عشنا طفولة بلا آلات حاسبة فحفظنا جدول الضرب...عشنا طفولة بلا هواتف ذكية وبلا العاب اليكترونية ومع ذلك استمتعنا بألعاب بسيطة...معظم أبناء جيلى يتذكرون مثلى السيجا والسلم والثعبان وعسكر وحرامية والسبع طوبات والتريك تراك ونطة الإنجليز وصلح والاولة....كنا تتسابق فى جمع الطوابع ونتسابق فى اقتناء البلى(كانت ثراوتنا كاطفال ومراكزنا المالية تقوم بما نمتلكه من بلى مختلف الألوان والاحجام) كما نتسابق فى جميع أغطية زجاجات المشروبات الغازية لنصنع منها العابا متنوعة...كنا لا نملك دراجات هوائية ولكننا بالقليل كنا نؤجر العجل من العم رزة فى شارع مؤنس....لم يكن معظمنا أعضاء فى اية نوادى رياضية واخترنا أن يكون ميدان عابدين نادينا المفتوح الذى نأوى إليه بلا رسوم وبلا بطاقات هوية نمارس فيه كل الألعاب من ركوب الدراجات إلى الدخول في سباقات الجرى وشد الحبل ...

كانت لعبة كل الألعاب والتى تجب ما سواها من العاب هى كرة القدم...كنا نحن نضع القواعد ونحدد الملعب...فيتم تحديد المرمى بحجرين ويتم تحديد نقطة ضربة الجزاء بعد 9 أمتار أو بالأحرى 9 خطوات....لم يكن يعكر مزاجنا سوى عبده الرايق(أطلقنا عليه بلا اتفاق لقب المتسلط) صاحب الكرة الذى كان يصر على التدخل فى كل صغيرة وكبيرة من يلعب ومن لا يلعب...ومن يكسب ومن يخسر...كما كان عبده الرايق يصر على أن يكون اللاعب والحكم معا وهو الذى يحدد هل الكرة هاى(كانت مشكلة ارتفاع الكرة مع عدم وجود شبكة وعارضة من أهم قضايا الكرة الشراب والتى تحتاج لأعلى درجات النزاهة من الحكم) أم لا وهو الذى يحدد هل اللعبة تستحق ضربة جزاء أم لا وهل تستحق الطرد أم لا...كما كان الرايق يصر على أن يكون الكابتن بلا منازع ويصر على أن يظل في الملعب بنظام العرض مستمر.... كان يضع القواعد ويغيرها متى شاء تحقيقا لمصلحته..رفض بشدة الاعتراف بأنه لاعب متواضع جدا....ورفض بشدة الاعتراف بأنه لا يصلح لأن يكون حكما....ظل الحال كذلك حتى نجحنا فى امتلاك عدة كرات واحيل عبده الرايق أو المتسلط للجلوس فيما وراء الخطوط وهو يرتدي البيجاما.
---------------------
بقلم: عبدالغنى عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | مستقبل مصر